الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، هو أكبر تجمع ديني سنوي في العالم، يجتمع فيه ملايين المسلمين من مختلف أنحاء الأرض لأداء شعائر موحدة في الزمان والمكان.
وقد استعاد موسم الحج في عام 2023 زخمه بعد أعوام من القيود التي فرضتها جائحة كورونا، حيث عاد إلى استقبال الحجاج من الخارج بأعداد قاربت تلك التي سُجّلت قبل الجائحة، في ظل نظام الحصص الذي تعتمده المملكة العربية السعودية لتوزيع تأشيرات الحج بما يراعي عدد المسلمين في كل دولة.
1. عودة الأعداد الكاملة بعد الجائحة
بلغ عدد الحجاج هذا العام نحو 1.84 مليون حاج، من بينهم 1.66 مليون قدموا من خارج السعودية، في عودة شبه كاملة إلى طاقة الاستيعاب التقليدية للموسم، بعد سنوات من تقليص الأعداد حفاظًا على الصحة العامة.
وتعتمد السعودية منذ سنوات طويلة نظام الحصص لتوزيع تأشيرات الحج، بحيث يُمنح حاج واحد لكل 1000 مسلم من سكان الدولة، مع مراعاة بعض العوامل التنظيمية واللوجستية.
2. الدول صاحبة أكبر الحصص (2023)
شهد موسم 2023 أكبر تمثيل للحجاج من الدول التالية:
الدولة | عدد الحجاج | عدد السكان (تقريبي) | نسبة المسلمين | عدد المسلمين | الحصة لكل 1000 مسلم |
---|---|---|---|---|---|
إندونيسيا | 299,000 | 277 مليون | 87% | 240 مليون | 1.25 |
باكستان | 179,210 | 240 مليون | 96% | 230 مليون | 0.77 |
الهند | 175,025 | 1.4 مليار | 14% | 200 مليون | 0.87 |
بنغلاديش | 127,198 | 170 مليون | 90% | 153 مليون | 0.83 |
نيجيريا | 95,000 | 220 مليون | 53% | 117 مليون | 0.81 |
إيران | 87,550 | 88 مليون | 99% | 87 مليون | 1.00 |
الجزائر | 41,300 | 45 مليون | 98% | 44 مليون | 0.94 |
تركيا | 37,770 | 85 مليون | 98% | 83 مليون | 0.45 |
🔸 ملاحظة: يتم احتساب الحصة وفق تفاهمات ثنائية بين المملكة وكل دولة، لكن القاعدة الأساسية تبقى “حاج لكل ألف مسلم”.
3. ملاحظات وتحليلات
- إندونيسيا حافظت على صدارتها كأكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، وبالتالي الأكبر من حيث عدد الحجاج.
- الهند، رغم أنها ليست دولة إسلامية رسمية، إلا أن عدد المسلمين فيها يقارب 200 مليون، ما منحها مركزًا متقدمًا.
- تركيا ظهرت بحصة أقل من المتوقع نسبةً لعدد المسلمين، ما قد يرتبط بتنظيمات داخلية أو محدودية الإقبال.
- بعض الدول ذات الكثافة الإسلامية العالية مثل مصر أو السودان لم تُذكر في القائمة، لكنها عادة ما تحظى بحصص كبيرة أيضًا تتراوح بين 30 إلى 80 ألف حاج سنويًا.
4. غياب لافت للدول العربية عن قائمة الصدارة.. لماذا؟
رغم أن العديد من الدول العربية تضم أعدادًا كبيرة من المسلمين، وتتمتع بقرب جغرافي واضح من المملكة العربية السعودية، إلا أن حضورها في قائمة أكبر الحصص المخصصة للحج يبدو محدودًا نسبيًا.
فدول مثل مصر، التي يفوق عدد سكانها المسلمين 90 مليون نسمة، أو السودان والمغرب والعراق، لا تظهر ضمن أعلى الدول في عدد التأشيرات، رغم أن أعداد المسلمين فيها تتجاوز بعض الدول الموجودة في القائمة مثل تركيا أو الجزائر.
السبب في هذا الغياب لا يعود بالضرورة إلى تمييز أو تقصير، بل قد يكون لأسباب متعددة منها:
- سياسات تنظيم الحج الداخلية، فبعض الدول تعتمد على أنظمة قرعة صارمة وأحيانًا تُخصص نسبًا أقل لأسباب لوجستية.
- القدرة الاقتصادية، إذ تؤثر الأوضاع الاقتصادية على قدرة المواطنين على تحمل تكاليف الحج، وبالتالي لا تستوفي الحصص الممنوحة بالكامل.
- العلاقة التعاقدية الثنائية، فبعض الدول تتوصل مع المملكة لاتفاقيات سنوية بشأن الحصص قد تتفاوت من عام لآخر.
- تعدد المنافذ غير الرسمية أحيانًا، مثل التأشيرات السياحية أو الزيارات العائلية، ما يقلل من الحاجة إلى حصص نظامية كبيرة.
ومع أن القرب الجغرافي قد يبدو ميزة، إلا أن المعيار الأساسي المعتمد هو عدد المسلمين وليس الموقع أو الدين الرسمي للدولة. ولذلك، تظهر دول غير عربية كالهند أو نيجيريا بأرقام كبيرة نظرًا لعدد المسلمين الهائل فيها، رغم بعد المسافة.
5. التحديات والفرص
- في دول مثل باكستان وبنغلاديش والهند، يزداد الضغط على التقديم مع قلة الحصص مقارنة بعدد المسلمين، ما يجعل عملية الاختيار عبر القرعة ضرورة سنوية.
- التكاليف المرتفعة في بعض الدول مقارنة بمتوسط الدخل، تخلق فجوة اقتصادية أمام الحجاج.
- مستقبلًا، مع ازدياد عدد المسلمين عالميًا، قد تُطالب الدول بإعادة النظر في نظام الحصص أو في تطوير البنية التحتية لقبول أعداد أكبر.
خاتمة:
تعكس أرقام الحجاج لعام 2023 عودة الروح إلى شعيرة الحج بعد التوقف القسري، وتسلّط الضوء على واقع التوزيع الجغرافي للمسلمين في العالم، وما يتطلبه ذلك من توازن وعدالة في تمكين المسلمين من أداء الفريضة.
ومع تطور تقنيات التنظيم والرقمنة، يبقى الأمل أن يُتاح الحج لمزيد من المسلمين في الأعوام المقبلة، بشكل أكثر سلاسة وعدالة.