هدافي كاس العالم عبر التاريخ من اللاعبين العرب
لطالما كان الحضور العربي في نهائيات كأس العالم مصدر فخر لجماهير المنطقة، ومع توالي البطولات، برزت أسماء عربية استطاعت أن تكتب أسماءها بحروف من ذهب في سجلات المونديال. فرغم التحديات الكبيرة التي واجهت المنتخبات العربية، نجح عدد من اللاعبين في ترك بصمة تهديفية لافتة وسط عمالقة العالم.
منذ المشاركة الأولى لمنتخب مصر في كأس العالم 1934، مرورًا بالتألق الجماعي لمنتخبات المغرب والسعودية والجزائر وتونس، وحتى الإنجاز التاريخي للمغرب في مونديال قطر 2022، ظل الطموح العربي حاضرًا، والإبداع التهديفي حاضرًا أيضًا بأقدام نجوم أجادوا قراءة الملاعب العالمية بطريقتهم الخاصة.
في هذا الموضوع، نسلط الضوء على أبرز اللاعبين العرب الذين استطاعوا تسجيل أكثر عدد من الأهداف في كأس العالم، نتتبع مسيرتهم، ونستعرض أرقامهم المميزة، التي تروي قصة الطموح والإصرار العربي على أكبر مسرح كروي في العالم.

يُعد سامي الجابر أحد أساطير الكرة العربية والعالمية، ليس فقط بفضل مهاراته الهجومية، بل لقدرته على ترك بصمة نادرة في سجلات كأس العالم. خاض الجابر 4 نسخ متتالية من المونديال (1994، 1998، 2002، 2006)، وشارك في 9 مباريات وسجل 3 أهداف تاريخية، ليصبح أول لاعب عربي يسجل في ثلاث نسخ مختلفة.
أحرز هدفه الأول ضد المغرب في نسخة 1994، ثم سجل هدفًا آخر أمام جنوب إفريقيا في 1998، قبل أن يختتم أهدافه بهدف ضد تونس في 2006، بعد نزوله بدقائق قليلة. يُذكر أن سامي الجابر هو خامس لاعب في تاريخ كأس العالم يسجل أهدافًا تفصل بينها أكثر من 12 عامًا.

برز سالم الدوسري كواحد من أفضل لاعبي السعودية في الألفية الجديدة، إذ شارك مع الأخضر في نسختي 2018 و2022، مسجلًا 3 أهداف في 6 مباريات.
هدفه الأول جاء في مونديال 2018 أمام مصر، عندما قاد السعودية لفوز معنوي بهدف قاتل. وفي 2022، كتب اسمه بأحرف من ذهب حين سجل هدفًا رائعًا في شباك الأرجنتين، ثم أضاف هدفًا آخر أمام المكسيك. بات الدوسري اللاعب العربي الأكثر تسجيلًا في نسخ متتالية بعد سامي الجابر، وأحد القلائل الذين سجلوا ضد منتخب فاز بالبطولة لاحقًا (الأرجنتين 2022).

أثبت وهبي الخزري أنه أحد أخطر المهاجمين العرب في كأس العالم، بمشاركته في نسختي 2018 و2022. لعب 5 مباريات سجل خلالها 3 أهداف، مما جعله الهداف التاريخي لتونس في المونديال.
أحرز هدفين رائعين في 2018 (ضد بلجيكا وبنما)، وفي 2022 عاد وسجل هدف الفوز أمام فرنسا، بطل العالم آنذاك، في واحدة من أكبر مفاجآت دور المجموعات. يتميز خزري بتحركاته الذكية وإنهائه المميز للهجمات، كما أصبح أكثر لاعب تونسي مشاركة تهديفية في المونديال (3 أهداف وصناعة واحدة).

أصبح يوسف النصيري أحد أبرز الهدافين المغاربة في كأس العالم عبر التاريخ. شارك مع أسود الأطلس في نسختي 2018 و2022، وسجل 3 أهداف خلال 10 مباريات.
برز بشكل خاص في مونديال قطر 2022، حيث سجل هدفين، أحدهما ضد كندا في دور المجموعات، وآخر تاريخي برأسية مذهلة في شباك البرتغال بدور ربع النهائي، ليقود المغرب إلى نصف النهائي كأول منتخب عربي وأفريقي يحقق ذلك. النصيري يتميز بقدراته الهوائية العالية، وسرعته في استغلال أنصاف الفرص أمام المرمى.

رغم قصر مشاركاته في كأس العالم، ترك محمد صلاح بصمة واضحة مع منتخب مصر في مونديال 2018. شارك في 3 مباريات وسجل هدفين، الأول من ركلة جزاء أمام روسيا، والثاني من لمسة جميلة ضد السعودية.
كان صلاح يعاني وقتها من إصابة تعرض لها في نهائي دوري أبطال أوروبا قبل البطولة بأسابيع، ما حدّ من ظهوره الكامل، لكنه مع ذلك أكد قدراته التهديفية العالية. محمد صلاح يبقى من الأسماء التي يُتوقع أن تواصل كتابة تاريخها مع الفراعنة في المحافل القادمة.

دخل فؤاد أنور تاريخ الكرة السعودية والعربية من أوسع أبوابه، بعدما سجل أول هدف رسمي للسعودية في تاريخ مشاركاتها بكأس العالم. في مونديال 1994،
خاض 4 مباريات وسجل هدفين مهمين؛ الأول كان هدف السعودية الوحيد أمام هولندا، والثاني ضد المغرب، ليساهم في تأهل الأخضر إلى الدور الثاني في أول مشاركة مونديالية له. فؤاد أنور تميز بتسديداته الصاروخية ودوره القيادي داخل الملعب.

خطف صلاح الدين بصير الأضواء خلال مونديال 1998 في فرنسا، عندما قدم أداءً لافتًا مع منتخب المغرب. سجل هدفين رائعين ضد أسكتلندا، وأسهم في تحقيق فوز عريض 3-0، لكن خروج المغرب من دور المجموعات كان مؤلمًا رغم الأداء المميز. شارك بصير في 4 مباريات خلال البطولة، وتميز بسرعته الكبيرة وقدرته على التمركز المثالي داخل منطقة الجزاء.

يُعتبر عبد الرحمن فوزي أول هداف عربي في تاريخ كأس العالم. شارك مع منتخب مصر في النسخة الثانية من المونديال عام 1934، ولعب مباراة واحدة فقط أمام المجر، سجل خلالها هدفين تاريخيين. رغم خسارة الفراعنة 4-2، كان فوزي أول من أثبت أن اللاعبين العرب قادرون على التوهج في البطولات الكبرى، وظل حتى اليوم يحمل الرقم القياسي كأول عربي يسجل هدفين في مباراة واحدة بكأس العالم.

عرف عبد الجليل هدا، المعروف بلقب “كماتشو”، طريق الشباك خلال مونديال 1998. شارك في 4 مباريات مع المغرب وسجل هدفين، أحدهما ضد النرويج والآخر ضد أسكتلندا. كان جزءًا من منتخب مغربي قوي جدًا، برز بفضل تنظيمه الهجومي وقدراته الفردية العالية. يُذكر أن هدا كان أحد أفضل المهاجمين العرب في تلك الحقبة.

لمع نجم عبد الرزاق خيري خلال مونديال 1986 بالمكسيك، عندما قاد المغرب لإنجاز تاريخي بالتأهل إلى دور الـ16 للمرة الأولى في تاريخ العرب.
خيري سجل هدفين رائعين ضد البرتغال في مباراة الفوز الشهير 3-1، وهي المباراة التي ضمنت عبور المغرب للدور التالي. شارك خيري في 3 مباريات، وقدم أداءً يُخلد اسمه ضمن أساطير الكرة المغربية والعربية في المونديال.
رغم الأرقام المميزة التي حققها بعض اللاعبين العرب في بطولات كأس العالم، يبقى الطموح العربي أكبر بكثير مما تحقق حتى الآن. فتاريخ المشاركات العربية لطالما كان مرتبطًا بتحديات صعبة، إذ اصطدمت المنتخبات العربية غالبًا بمنتخبات قوية سواء من إفريقيا أو آسيا، بحكم نظام التصفيات والتقسيمات الجغرافية الصارمة، مما حدّ من فرص الظهور المستمر على مسرح المونديال.
ومع ذلك، فإن استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022، وما سيتبعها من استضافة السعودية لمونديال 2034، تفتح آفاقًا جديدة أمام الكرة العربية. هذا الحضور القوي على مستوى التنظيم قد ينعكس إيجابًا على الأداء العربي داخل الملاعب، ويمنح اللاعبين العرب مزيدًا من الخبرة والثقة للارتقاء بالأداء الفردي والجماعي، ومحاولة تحسين الأرقام والاقتراب أكثر من سجل الهدافين الكبار في تاريخ البطولة.
الأمل كبير بأن تكون السنوات القادمة بداية عهدٍ جديد للكرة العربية، عهد تتزايد فيه المشاركات، وتسطع فيه أسماء جديدة تكتب تاريخها في سجل المونديال العالمي.