هدافي كاس العالم عبر التاريخ من لاعبي قارة آسيا
منذ بداية مشاركات قارة آسيا في بطولات كأس العالم، كان الطريق شاقًا ومليئًا بالتحديات أمام منتخباتها الطموحة. بداية متواضعة تمثلت في ظهور الهند دون أن تلعب فعليًا في 1950، ثم المشاركة الفعلية لكوريا الجنوبية في 1954، قبل أن تبدأ فرق القارة تدريجيًا في بناء حضورها، جولةً بعد أخرى.
مع مرور العقود، تحسنت نتائج آسيا على الساحة العالمية، بداية من وصول كوريا الجنوبية إلى نصف نهائي مونديال 2002، مرورًا بانتصارات لافتة لمنتخبات مثل السعودية، اليابان، وإيران، وحتى الإنجازات الحديثة التي وضعت منتخبات آسيوية في أدوار متقدمة أكثر من أي وقت مضى.
نقطة التحول الكبرى جاءت بانضمام أستراليا إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عام 2006، ما أضاف للقارة منتخبًا يمتلك خبرة قوية في البطولات الكبرى، وأثراها هجوميًا بأسماء كبيرة أمثال تيم كاهيل، مما ساهم في تعزيز السجل التهديفي الآسيوي في كأس العالم، وأعطى دفعة تنافسية جديدة لمنتخبات القارة كلها.
في هذا السياق، نستعرض قائمة أكثر 10 لاعبين تهديفًا في تاريخ قارة آسيا بمنافسات كأس العالم، ممن سطروا أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ القارة وألهموا أجيالًا جديدة من اللاعبين.

يُعد تيم كاهيل أحد أبرز رموز الكرة الأسترالية وأحد أفضل لاعبي قارة آسيا في تاريخ كأس العالم. شارك كاهيل مع منتخب أستراليا في أربع نسخ متتالية من المونديال (2006، 2010، 2014، 2018)، وخاض خلالها 10 مباريات سجل فيها 5 أهداف، ليصبح الهداف التاريخي لأستراليا في كأس العالم.
سجل أول أهداف أستراليا في تاريخ المونديال أمام اليابان في مونديال 2006، وقاد الفريق لانتصار مهم بنتيجة 3-1. كما أحرز هدفًا أيقونيًا في مرمى هولندا بمونديال 2014، صنفه الكثيرون ضمن أجمل أهداف البطولة.

كيسوكي هوندا تألق مع منتخب اليابان في ثلاث نسخ متتالية من كأس العالم (2010، 2014، 2018). لعب 11 مباراة في البطولة وسجل 4 أهداف وصنع آخرين، ليصبح الهداف الآسيوي التاريخي في كأس العالم إلى جانب مساهماته الحاسمة.
في مونديال 2010، أحرز هدفين وصنع هدفًا ليقود اليابان إلى دور الـ16، بينما واصل حضوره الحاسم بتسجيل أهداف مؤثرة في مونديالي 2014 و2018، من بينها هدفه أمام السنغال في روسيا 2018 الذي منح اليابان نقطة ثمينة.

يعد سامي الجابر من رموز الكرة السعودية، وشارك مع الأخضر في أربع نسخ من كأس العالم (1994، 1998، 2002، 2006). سجل 3 أهداف خلال مشاركاته، مما يجعله أحد قلة من اللاعبين الذين سجلوا أهدافًا في مونديالات تفصلها 12 سنة.
أحرز هدفًا أمام المغرب في مونديال 1994، ثم هدفًا من ركلة جزاء أمام جنوب أفريقيا في 1998، قبل أن يسجل هدفًا شهيرًا بعد نزوله بدقائق أمام تونس في 2006. الجابر كان شاهدًا على أول صعود تاريخي للسعودية إلى دور الـ16 في 1994.

برز سالم الدوسري في كأس العالم مع منتخب السعودية بمشاركات مميزة، حيث لعب في مونديال 2018 ومونديال 2022. سجل ثلاثة أهداف تاريخية: هدف أمام مصر في 2018، وهدفين في 2022 ضد الأرجنتين والمكسيك.
هدفه ضد الأرجنتين في مونديال قطر 2022 كان ضمن إحدى أكبر المفاجآت في تاريخ كأس العالم، وأسهم في فوز تاريخي للسعودية بنتيجة 2-1. بأهدافه، أصبح الدوسري أكثر لاعب سعودي تسجيلًا في تاريخ كأس العالم برصيد 3 أهداف.

اشتهر آن جونغ-هوان بفضل هدفه الذهبي الشهير ضد إيطاليا في مونديال 2002، والذي منح كوريا الجنوبية تأهلًا تاريخيًا إلى ربع النهائي.
شارك آن في ثلاث نسخ من كأس العالم (2002، 2006، 2010)، وسجل ثلاثة أهداف خلال مشواره. إلى جانب هدفه ضد إيطاليا، سجل أيضًا في مونديال 2006، مؤكدًا حضوره التهديفي في المناسبات الكبرى.

يعتبر سون هيونغ-مين نجم توتنهام الإنجليزي قائد الجيل الكوري الحالي. شارك مع منتخب بلاده في ثلاث نسخ من كأس العالم (2014، 2018، 2022).
سجل سون 3 أهداف في النهائيات، من أبرزها هدفه في مرمى ألمانيا في 2018 الذي ساعد على إقصاء حامل اللقب من دور المجموعات. كما أحرز هدفًا في مرمى البرتغال في 2022 وقاد كوريا للتأهل إلى دور الـ16 بطريقة درامية.

يُعد بارك جي-سونغ من أبرز لاعبي آسيا، وقد شارك في ثلاث بطولات لكأس العالم (2002، 2006، 2010). سجل ثلاثة أهداف في ثلاث نسخ مختلفة، وهو أول لاعب آسيوي يسجل في ثلاث مونديالات متتالية.
سجل بارك هدفًا لا يُنسى أمام البرتغال في 2002 ساعد كوريا الجنوبية على التأهل إلى دور الـ16، ثم واصل حضوره التهديفي في 2006 ضد فرنسا، وفي 2010 أمام اليونان.

شارك شينجي أوكازاكي مع منتخب اليابان في ثلاث نسخ من كأس العالم (2010، 2014، 2018).
سجل هدفين في النهائيات، وكان من العناصر الأساسية في تأهل اليابان إلى دور الـ16 في نسختي 2010 و2018. يتميز أوكازاكي بروحه القتالية العالية وتحركاته الذكية داخل منطقة الجزاء.

كان فؤاد أنور أحد أبطال منتخب السعودية في أول ظهور له بكأس العالم 1994. سجل هدفًا رائعًا في شباك هولندا من تسديدة قوية، كما أحرز هدفًا آخر من ركلة جزاء أمام المغرب، ليصبح أول لاعب سعودي يسجل هدفين في نسخة واحدة من المونديال.
أنور لعب دورًا حيويًا في إنجاز تأهل السعودية إلى دور الـ16، وهو إنجاز ظل محفورًا في تاريخ الكرة السعودية والعربية.

برز يويا أوساكو مع منتخب اليابان في كأس العالم 2018 في روسيا، حيث سجل هدف الفوز الحاسم ضد كولومبيا في دور المجموعات.
شارك أيضًا في مونديال 2022، لكنه لم يسجل أهدافًا، وظل دوره الأساسي في صناعة اللعب وخلق المساحات لزملائه. أوساكو يعتبر من اللاعبين الذين ساهموا بشكل غير مباشر في النجاحات اليابانية الأخيرة في المونديال.
رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها قارة آسيا في بداياتها بكأس العالم، إلا أن الإصرار والطموح ظلا العنوان الأبرز لمسيرة منتخباتها. وقد بدأت بذور هذا الطموح تثمر عندما استضافت كوريا الجنوبية واليابان معًا نسخة 2002، وهو ما شكل علامة فارقة في تاريخ الكرة الآسيوية، تلاه صعود كوريا الجنوبية إلى نصف النهائي، في إنجاز لا يزال يُعد من أبرز اللحظات في سجل القارة.
ثم جاءت استضافة قطر لكأس العالم 2022 لتؤكد أن آسيا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من قلب الحدث العالمي، من حيث التنظيم والإنجازات معًا، مع وعود كبيرة بمستقبل أكثر إشراقًا مع اقتراب تنظيم السعودية للبطولة في 2034. كل هذه الخطوات تؤشر إلى أن آسيا لم تعد مجرد ضيف في كأس العالم، بل لاعبًا رئيسيًا وطموحًا يسعى للذهاب بعيدًا، والمنافسة بجدية على الوصول إلى الأدوار النهائية، وربما مع مرور السنوات القادمة، نرى بطلًا من قارة آسيا يقف على منصة التتويج العالمية.
الطريق ما زال طويلاً، لكن مع المواهب المتزايدة، والخبرة التنظيمية، وتطور البنى التحتية، فإن آسيا مرشحة لأن تكون أحد المحاور الأساسية في رسم ملامح مستقبل كأس العالم لعقود قادمة.