هدافين كاس العالم عبر التاريخ
منذ انطلاقه لأول مرة عام 1930 في الأوروغواي، أصبح كأس العالم FIFA أكثر البطولات الرياضية شهرة وجذبًا للجماهير حول العالم. بدأت البطولة بمشاركة 13 منتخبًا فقط، لكنها تطورت مع مرور العقود لتشمل عشرات المنتخبات من مختلف القارات، مما جعلها مهرجانًا عالميًا لكرة القدم يُقام كل أربع سنوات.
عبر نسخ البطولة من 1930 وحتى 2022، شهد العالم تسجيل آلاف الأهداف التي أصبحت جزءًا من ذاكرة الشعوب وعناوين للتاريخ الرياضي. حتى نهاية نسخة 2022، تم تسجيل أكثر من 2700 هدف في جميع بطولات كأس العالم. وتُعد البرازيل المنتخب الأكثر فوزًا بالبطولة، حيث توج باللقب خمس مرات، بينما يعتبر منتخب ألمانيا الأكثر وصولًا إلى النهائي، بظهوره في المشهد الختامي ثماني مرات. في هذا السياق، تلعب أسماء الهدافين دورًا محوريًا في كتابة تاريخ البطولة، إذ أن أهدافهم لم تكن مجرد أرقام، بل لحظات فارقة صنعت أمجادًا خالدة.

يُعد ميروسلاف كلوزه الهداف التاريخي لمنتخب ألمانيا، بعدما أحرز 71 هدفًا خلال 137 مباراة دولية خاضها بين عامي 2001 و2014. كما يحمل الرقم القياسي كأفضل هداف في تاريخ كأس العالم، بتسجيله 16 هدفًا في 24 مباراة موزعة على أربع نسخ من البطولة (2002، 2006، 2010، 2014). امتدت مسيرته مع “المانشافت” على مدار 13 عامًا، وخلالها لم تعرف ألمانيا طعم الخسارة في أي مباراة نجح خلالها كلوزه في هز الشباك.
جاءت أولى أهدافه الدولية في ظهوره الأول مع المنتخب الألماني، عندما سجل هدف الفوز في مباراة تصفيات كأس العالم أمام ألبانيا بتاريخ 24 مارس 2001، والتي انتهت بنتيجة 2-1. وبعد أقل من عام، حقق كلوزه أول “هاتريك” له مع ألمانيا، حين قاد فريقه لاكتساح إسرائيل بنتيجة 7-1 يوم 13 فبراير 2002، في المباراة التي أقيمت على ملعبه السابق، فريتز والتر بمدينة كايزرسلاوترن.

يُعتبر الظاهرة رونالدو أحد أعظم المهاجمين في تاريخ كرة القدم، وقد سجل 62 هدفًا بقميص منتخب البرازيل خلال 98 مباراة دولية بين عامي 1994 و2011. على صعيد كأس العالم، أحرز رونالدو 15 هدفًا في 19 مباراة، موزعة على أربع مشاركات (1998، 2002، 2006، 2010)، ليصبح أحد أبرز هدافي البطولة عبر تاريخها. امتدت مسيرته الدولية مع السيلساو لما يقارب 17 عامًا، وكان تأثيره حاسمًا في كبرى البطولات، خاصة عند تسجيله، حيث ساهمت أهدافه في قيادة البرازيل إلى تحقيق نتائج مبهرة.
سجل رونالدو أول أهدافه الرسمية مع المنتخب البرازيلي خلال مباراة ودية أمام أيسلندا في يونيو 1994، حينما كان لا يزال في عمر السابعة عشرة. أما على صعيد كأس العالم، فقد لمع اسمه بشدة في نسخة 1998، قبل أن يصل إلى ذروة تألقه في مونديال 2002، حيث توج بالحذاء الذهبي بتسجيله 8 أهداف، من بينها ثنائية في المباراة النهائية أمام ألمانيا التي منحت البرازيل لقبها الخامس.

يُعد جيرد مولر واحدًا من أعظم الهدافين في تاريخ كرة القدم، حيث سجل 68 هدفًا لمنتخب ألمانيا الغربية خلال 62 مباراة دولية بين عامي 1966 و1974. في كأس العالم، سجل مولر 14 هدفًا خلال 13 مباراة، شارك بها في نسختي 1970 و1974، ليترك بصمته كأحد أكثر الهدافين تأثيرًا في البطولة. امتدت مسيرته الدولية لـ8 أعوام فقط، لكنه ترك إرثًا تهديفيًا استثنائيًا، وساهم بشكل مباشر في تتويج بلاده بلقب كأس العالم 1974.
سجل مولر أول أهدافه مع منتخب ألمانيا الغربية في مباراة ودية ضد يوغوسلافيا عام 1966. أما على صعيد كأس العالم، فقد تألق في نسخة 1970 بالمكسيك، حيث أحرز 10 أهداف، متوجًا بالحذاء الذهبي كأفضل هداف للبطولة.

خلّد جوست فونتين اسمه في تاريخ كأس العالم بتسجيله 13 هدفًا في نسخة واحدة فقط (1958)، وهو رقم قياسي لم يُكسر حتى اليوم. وعلى مستوى مسيرته الدولية مع منتخب فرنسا، سجل فونتين 30 هدفًا خلال 21 مباراة بين عامي 1953 و1960. رغم قصر مشواره الدولي الذي لم يتجاوز سبع سنوات، إلا أن تأثيره بقي خالدًا بفضل إنجازه الاستثنائي في كأس العالم.
سجل فونتين أول أهدافه الدولية عام 1953 أمام لوكسمبورغ. وفي كأس العالم 1958 بالسويد، لمع نجمه بشدة، وقاد فرنسا إلى المركز الثالث في البطولة بفضل غزارته التهديفية.

يُعد بيليه أحد أساطير كرة القدم العالمية، بعدما سجل 77 هدفًا بقميص منتخب البرازيل خلال 92 مباراة دولية بين عامي 1957 و1971. على صعيد كأس العالم، سجل “الملك” 12 هدفًا في 14 مباراة، عبر مشاركاته في نسخ 1958، 1962، 1966، و1970. خلال مسيرته الدولية التي امتدت لـ14 عامًا، كان بيليه ركيزة أساسية في إنجازات البرازيل، خاصة في تتويجها بثلاث بطولات كأس عالم.
سجل بيليه أول أهدافه الدولية أمام الأرجنتين عام 1957، وهو بعمر السادسة عشرة. وأصبح نجمًا عالميًا في مونديال 1958 عندما سجل 6 أهداف، من بينها ثلاثية في نصف النهائي وثنائية في النهائي ضد السويد.

يُعد ساندور كوتشيس من أبرز أساطير الكرة المجرية، حيث سجل 75 هدفًا في 68 مباراة دولية مع منتخب المجر بين عامي 1948 و1956. في كأس العالم، أحرز كوتشيس 11 هدفًا خلال 5 مباريات فقط، خلال مشاركته الوحيدة في نسخة 1954، مما جعله هداف تلك البطولة بلا منازع. رغم قصر مسيرته الدولية نسبيًا، إلا أن تأثيره الهجومي بقي خالدًا بفضل معدله التهديفي الاستثنائي.
سجل كوتشيس أول أهدافه الدولية عام 1948. وخلال كأس العالم 1954 في سويسرا، انفجر تهديفيًا بتسجيله هاتريك مرتين أمام كوريا الجنوبية وألمانيا الغربية، قبل أن يقود المجر إلى النهائي في واحدة من أكثر البطولات إثارة في التاريخ.

سطع نجم يورغن كلينسمان مع منتخب ألمانيا (الغربية ثم الموحدة)، حيث سجل 47 هدفًا في 108 مباريات دولية بين عامي 1987 و1998. في كأس العالم، سجل 11 هدفًا خلال 17 مباراة، موزعة على ثلاث مشاركات (1990، 1994، 1998). امتدت مسيرته الدولية لأكثر من عقد، وبرز بأهدافه الحاسمة وأدائه الحيوي في كبرى البطولات.
سجل كلينسمان أول أهدافه الدولية عام 1987 ضد البرازيل. في كأس العالم 1990، سجل ثلاثة أهداف وأسهم بقوة في تتويج ألمانيا باللقب، قبل أن يواصل تألقه في نسختي 1994 و1998.

كان هيلموت راهن من نجوم منتخب ألمانيا الغربية في خمسينيات القرن العشرين، حيث سجل 21 هدفًا خلال 40 مباراة دولية بين عامي 1951 و1960. أحرز راهن 10 أهداف في 10 مباريات بكأس العالم خلال مشاركتيه عامي 1954 و1958. اشتهر بدوره الحاسم في الفوز بلقب كأس العالم 1954.
سجل راهن أول أهدافه الدولية في 1951. في كأس العالم 1954، دخل التاريخ بتسجيله هدف الفوز الشهير في النهائي ضد المجر، ليمنح ألمانيا لقبها العالمي الأول.

تألق غاري لينيكر مع منتخب إنجلترا خلال فترة الثمانينيات، وسجل 48 هدفًا خلال 80 مباراة دولية بين عامي 1984 و1992. في كأس العالم، أحرز 10 أهداف في 12 مباراة، من خلال مشاركتين في نسختي 1986 و1990. ظل لينيكر أحد أبرز الهدافين في تاريخ المنتخب الإنجليزي.
سجل لينيكر أول أهدافه الدولية عام 1984 أمام ويلز. في كأس العالم 1986 بالمكسيك، فاز بالحذاء الذهبي بعدما سجل 6 أهداف، وقاد إنجلترا للوصول إلى ربع النهائي.

يُعد غابرييل باتيستوتا واحدًا من أعظم الهدافين في تاريخ منتخب الأرجنتين، حيث سجل 54 هدفًا في 77 مباراة دولية بين عامي 1991 و2002. سجل “باتي-غول” 10 أهداف في 12 مباراة بكأس العالم خلال مشاركاته في نسخ 1994، 1998، و2002.
سجل باتيستوتا أول أهدافه الدولية عام 1991. وفي كأس العالم، اشتهر بتحقيقه “هاتريك” في مباراتين مختلفتين (ضد اليونان 1994 وجامايكا 1998)، وهو إنجاز نادر.

يُعتبر تيوفيلو كوبيلاس أسطورة الكرة البيروفية، حيث سجل 26 هدفًا في 81 مباراة دولية بين عامي 1968 و1982. أحرز كوبيلاس 10 أهداف في 13 مباراة بكأس العالم، عبر مشاركتيه عامي 1970 و1978، ليصبح أحد أبرز هدافي أمريكا الجنوبية في البطولة.
سجل كوبيلاس أول أهدافه الدولية عام 1968. وفي مونديال 1970 بالمكسيك، أبدع بتسجيل 5 أهداف، ثم عاد في 1978 ليضيف 5 أهداف أخرى، ليخطف الأضواء بأدائه الساحر.

يُعد توماس مولر الهداف النشط الوحيد ضمن قائمة كبار هدافي كأس العالم حتى كتابة هذه السطور. سجل 10 أهداف في 19 مباراة مونديالية شارك فيها عبر ثلاث نسخ أعوام 2010 و2014 و2018، بالإضافة إلى ظهوره في نسخة 2022. بفضل انطلاقته القوية، خاصة في بطولتي 2010 و2014، بدا أن مولر في طريقه لتحطيم أرقام تاريخية، خصوصًا مع وصوله السريع إلى عشرة أهداف.
ولكن تراجع أداء المنتخب الألماني في النسخ الأخيرة، وخروجه المبكر من دور المجموعات في مونديالي 2018 و2022، حرمه من تعزيز سجله التهديفي. ورغم ذلك، يبقى مولر رقماً صعباً في تاريخ كأس العالم، مع فرصة نادرة كان من الممكن أن تجعل منه الهداف الأعلى في تاريخ البطولة لو استمر النجاح الجماعي للمنتخب.

تألق غريغورز لاتو مع منتخب بولندا خلال السبعينيات، حيث سجل 45 هدفًا خلال 100 مباراة دولية بين عامي 1971 و1984. أحرز لاتو 10 أهداف في 20 مباراة بكأس العالم من خلال مشاركاته في نسخ 1974، 1978، و1982، ويُعد أحد رموز الكرة البولندية.
سجل لاتو أول أهدافه الدولية في 1971. في كأس العالم 1974، تألق بشكل لافت، وتوج بلقب هداف البطولة برصيد 7 أهداف، مساهماً في احتلال بولندا المركز الثالث.
تبقى بطولات كأس العالم شاهدة على عبقرية الهدافين الذين تركوا بصماتهم الخالدة في ذاكرة عشاق الكرة. من ساندور كوتشيس إلى ميروسلاف كلوزه، مرورًا برونالدو وبيليه وجيرد مولر، حمل هؤلاء النجوم شغف الجماهير على أكتافهم وصاغوا أمجادًا لا تُنسى بالأرقام والأهداف. ورغم تبدل الأجيال وتغير معالم اللعبة، ما زالت الأسماء العظيمة تفرض حضورها فوق السطور، وتلهب خيال كل من يقرأ سجل البطولة الأغلى.
وفي قلب هذا السرد، يظل توماس مولر يمثل حالة خاصة؛ لاعبٌ يعيش بين الماضي والمستقبل، حمل آمالًا كبيرة لتحقيق إنجازات تهديفية تاريخية، لولا عثرات منتخبه الوطني. وبينما تظل الأرقام راسخة في أرشيف التاريخ، فإن القصص خلفها، بكل ما تحمله من مجد وألم، هي التي تمنح كرة القدم خلودها الحقيقي.